الأحد، 11 ديسمبر 2022

ماء العرش في القران

ماء العرش في القران
 عطية مرجان أبوزر
قال الله جل وعلا "وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ [هود : 7]
في فهم قوله تعالى :- " ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)
لم يتكرر هذا النص في القران سوى في هذه الآية فقط فكان ذكرا وترا عظيما لقضية غيبية أشغلت الكثير من الناس دون أن يجزم فيها احد .
وهي من المتشبهات في معناها، لعدم علمنا المحكم بمآل (الماء) المقصود فيها في زمننا هذا وما سبقه (رغم أن معنى الآية محكم عند الله سبحانه مثلها مثل كل آيات القرآن). أي أن السياق (اللغوي والواقعي – الذي يعلمه المفسر) لا يجيب بما يحسم المعنى، لعدم اكتمال نصاب الجانب المُدرك فيه. ولكننا سنحاول فهم شيئا ما من إخبار القرآن عن هذا الأمر حتى لا نتقول على القران افتراء - فنقول مما وجدناه ظاهرا : 
التفسير النابع من التصور المادي :

 قال بعض المفسرين أن الآية تتكلم عن ما قبل خلق (السموات والأرض وما بينهما ) بدلالة قوله " كان" لان القرءان اخبرنا انه بعد خلق الكون كان استواء الخالق على عرشه لقوله " ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ " وذلك بعد قوله وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " وعلى هذا فسر هؤلاء كلمة "كان" على أنها فعل ماضي فكان على الماء وانتهى بنقله إلى السموات , وهنا نعتقد "والله اعلم بالحق " إن هذا الكلام لا يرقى إلى الفهم الصحيح بل بني على التصور العقلي مع خطأ في فهم الكينونة , فالكينونة أصل ثابت كقوله تعالى " وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً [الفرقان : 20]"وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً [الفرقان : 54] وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء : 17] وهكذا فالكينونة في صفات الله سبحانه هي وجود قائم أبدي وليس بمعنى كان وانتهى والعياذ بالله .

وذلك يعني ان العرش الرباني كائن على الماء , كينونة أزليه ( كان ولازال ), وإنما استوي الرب تعالى على العرش بعد خلق السموات والأرض وهو كائن كما أراده  على الماء , ولهذا لا يمكن التصور أن المقصود بالماء هو ماء الأرض , لان الأرض لا تساوي ذرة من عرش الرحمن , فيكون الماء هو غير ماء الأرض اسما ووصفا ومادة وحالة "والله اعلم"


 ولذا اعتقد البعض
 أن الماء في قوله تعالى ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء ِ) لا يمكن أن يكون ماءاَ كماء البحر أو النهر.  لأن هذا الوجه من التفسير لا يحتمله لفظ (الماء الحامل للعرش) وقالوا:  أن الأقرب للقبول، أن الماء في الآية الكريمة هو حالة مائعة (وهذا هو قالب المعنى الخالص) أي أن ماء العرش كان حالة سابقة قبل حالة الرتق السماوي" أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً ..."  والتي تبعتها حالة الفتق " فَفَتَقْنَاهُمَا " 
وتميزت فيه المادة الأرضية عن الحالة السماوية .وهنا كان هؤلاء المفسرون قد اخضعوا النقل للعقل فخرجوا عن الصواب وقلبوا الحق.
التفسير المعنوي اللامادي :
قلنا أن التفسير المادي الناتج عن التصور العقلي لا يجوز في تفسير الغيبيات اللاملموسة او المدركة ماديا والمطلوب الإيمان بها دون الخوض في ماديتها "و أن الحسم في مثل هذه القضايا غير ممكن لأحد.
 إلا إن نظرة في الآية تقرب الصورة للفهم ,فقوله تعالى " وجعلنا من الماء"  فالظاهر أن الماء كان مخلوقا قبل فتق الرتق وهو ماء العرش لننظر في الآية ثانية " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء : 30]" إذن فكل شيء حي "مجعول "من الماء وليس مخلوق أصلا وبدءا .

بالنظر إلى قوله تعالى على لسان نبيه " 
أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ ... [آل عمران : 49] , فالقائل هنا إنسان "أي عيسى عليه السلام" وهو ليس بخالق لان الخلق يكون من العدم , ولان ما قاله عن الخلق كان من مادة موجودة وهي الطين ولان هذا الطين يحتاج إلى ماء لتليينه فلا يكون معنى هذا الصنع خلقا بل تشكيلا  وما كلمة خلق إلا للتأثير النفسي على المستمع لأنه مستمع منكر أصلا , فكان القول مجازا 

لهذا نعود للقول إن الحق في قوله تعالى "
وجعلنا " هو الأصل في كل ما هو مجعول من الماء بعد ذلك , وذلك لا يعترض مع كل قول ربنا سبحانه فيه لفظ "خلق " والله وحده اعلم بالحق 
الوحي النبوي قد يقرب الصورة للعقل البشري  قليلا ,أيضا قال صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن بدء الخلق «كان اللهُ ولم يكُن شيء غيرُهُ، وكان عرشُهُ على الماء، وكَتَب في الذّكر كُلّ شيء، ثُمّ خلق السّمـوات والأرض» – رواهُ البخاريُّ -أي أن خلق الماء الأرضي مجعول وليس أصل , .قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ   الله تعالى خلق كُلّ شيء من الماء» – رواه ابن حبان – يعني قبل أن يخلُق اللهُ النُّور والظّلام والأرض والسّمـوات والعرش ، خلق قبل كلّ شيء الماء، وجعلهُ أصلاً لغيره من المخلُوقات .

وفي النهاية نقول ليس بالضرورة تفسير معنى الماء في الآية على انه الماء المعروف لنا ماديا H2O  على اعتبار آن أصل معنى الماء هو "الشيء المائع " ويشتمل على هذا معنى الدخان المتحول إلى الكون برمته بكل نيرانه وماءه وجماده ولعل معنى الماء يكون نهاية هو كل شيء مخلوق وان العرش كان فوق كل هذا الشيء .والله اعلم
إذن فما يمكن الاستفادة من معرفته هو كائن في أن الماء كان أعظم المخلوقات وأقدمها على الإطلاق والله أعلم .
https://atquran.blogspot.com/p/5.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا جزيلا لتعليقكم تنمني تكرار الزيارة للإفادة من توجيهاتكم