الأحد، 11 ديسمبر 2022

نهاية اسرائيل في بداية النهاية



                                                                                              عطية مرجان أبورز
قال الله عز وجل" سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب"ِ [البقرة : 211]
كانت آيات الله تعالى لبنى إسرائيل منذ عهدهم آيات بينات إلا أن شهادة الله تعالى عليهم كانت نقضهم للعهود وتبديل نعمه وعداوتهم بلا هوادة لكل ما هو غير يهودي, فقضى الله تعالى استفحال العداوة فيما بينهم إلى يوم القيامة لقوله تعالى" وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "[المائدة : 64],وإذا كان القرآن الكريم قد قص علينا الكثير من قصص بني إسرائيل عبر تاريخهم ألصراعي مع البشرية ومع الأنبياء وفيما ذات البين, فان هذا القرآن العظيم ليقص عليهم وعلى البشرية أكثر ماهم فيه من حال سواء على الصعيد الداخلي أو العلائقي بما حولهم من شعوب ومجتمعات وسياسة ,لقوله تعالى "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل : 76] وبغض النظر عن التأريخ الأسود الطويل لليهود فأن ما في القرآن من أخبار كائنة عنهم هو بعض من الإعجاز الغيبي المتعلق , ومنه ما هو منظور لنا في يومنا والذي نشهده عليهم ويشهده التاريخ البشري المعاصر وأشهره ذلك الفساد القائم منهم في الأرض وعلوهم علوا كبيرا حتى باتت الإرادة الاسرائيلية هي الصانعة للسياسة الامركية كبرى دول العالم المعروفة بالانحياز التام لها رغم اشتهار فسادها ورغم ثبوت ضررها لأقرب المنحازين لها , إلا أن إرادة الله التي قضت بذلك هي الحق , قال الله تعالى "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً [الإسراء : 4].
أمام هذه الحقائق القرآنية جميعها نشهد الواقعة تلو الواقعة على هذه الحالة الإسرائيلية التي ليس آخرها ما عرف بحرائق الكرمل التي كشفت عن عورة هذا الكيان الهش والأكثر ضعفا من بيت العنكبوت, وبيت العنكبوت هو المعروف بالجبهة الداخلية الإسرائيلية التي تأكد تهالكها إبان حدث الحريق الأشهر في تاريخ إسرائيل , فان كانت مجرد شرارة "أرجيلة" قد دفعت بالكيان الذي يرهب المنطقة برمتها ليستنجد بجيرانه لإغاثته فكيف يمكن أن يكون حال هذا الكيان لو تنبهت عين الأمة الإسلامية والعربية المحيطة به من كل جانب ولو ليوم واحد؟
لقد ثبت للجميع أن عجز الجبهة الداخلية الإسرائيلية في التعاطي مع كارثة حريق الكرمل كان مؤشراً لوجود عدة كوارث أخرى قد تقود إلى تدمير إسرائيل، وهذا ما حذرت منه دوائر في مركز القيادة الإسرائيلية وليس مجرد تخمينات أو تمنيات نتمناها,ومما أشارت اليه تلك الدوائر هو ما تأكد لها في تحقيقات موسعة قامت بها جهات عدة كل في مجال اختصاصها, نشرت بعضا منه صحيفة هآرتس العبرية، فقالت " أن عجز الأجهزة المعنية الإسرائيلية عن إخماد حرائق الكرمل وطلبها المساعدة من دول أجنبية، يعطي انطباعاً بأن الخطر الذي تقبل عليه إسرائيل بات وشيكاً", و أضافت الصحيفة " أن التجاهل الحكومي بات عنواناً رئيساً لتفشي حالة الإهمال في الداخل الإسرائيلي" وهذه حقيقة عارية إذ إن الإهتمام الرئيس للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ينصب في معظمه على المنظومة العسكرية الإسرائيلية، انطلاقاً من هواجس أمنية لا ينتهي الحديث عنها ولا تغفل عنها للحظة , ولعل أقرب تصوير لهذه الحالة هو حال البيضة بقساوة غلافها رقم رقتها الشديدة وليونة داخلها وسيولته, يذكرني هذا بمقولة لوزير دفاع اسرائيل في عام 1968 م المقبور موشية دايان الذي ذهب للقضاء على طلائع الثورة الفلسطينية في أغوار الاردن وهو يقول أنه ذاهب لكسر بيضة وسيعود سريعا, فذهب بلواءه الشهير وجل آلته الحربية المؤللة ليقاتل بعض رجال لا يملكون مؤللة واحدة وعاد تاركا آلياته وجنودة محترقين على أرض قرية الكرامة الاردنية ؟! سبحان القائل فيهم " كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة : 64]"
ان الصراع الإسرائيلي الفاسد يتبنى نظرية الأمر الواقع في حروبه مع الفلسطينيين خاصة والعرب عامة , ومن ذلك ما أسس لفناء هذا الكيان الهش, ومن الأوضاع المشار إليها ذلك الوضع الهندسي للمباني الإستيطانية التي تتعالى و تنتشر بسرعة في كل مكان من الأرض المحتلة انها تصاميم ضعيفة القوام عرضة للإنهيار السريع في حال تعرضها لهزة أرضية ما، خاصة وأن هذه المناطق تنتظر هزة تزيد قوتها على 7 درجات ريخترية.وبحسب صحيفة هآرتس، التي اشارت إلى ان اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة الهزات الأرضية في إسرائيل قالت في تقرير لها خلال عام 2010 ان الحكومات المتتالية غير معنية تماما بهذا الامر.ويقول (آفي شابيرا) رئيس هذه اللجنة "لا يقتصر الإخفاق في مواصفات البناء على المستوطنات فقط، وإنما يشمل عدداً ليس بالقليل من المدارس والمستشفيات، فضلاً عن أن ما يقرب من 20% من المباني الاسرائيلية تم بناؤها بشكل يخالف المقاييس الهندسية، إذ تشير المعطيات إلى أنه من بين 3.500 مبنى في إسرائيل، هناك ما يقرب من 200 مبنى يحتاج بشكل عاجل إلى ترميمات من بينها 180 مبنى تقريبا لدور التعليم والمستشفيات، بالإضافة إلى مراكز إطفاء ومخافر للشرطة, رغم أنه يتم رصد 140 مليون شيكل سنويا لترميم المباني إلا أن الصندوق المعني بالتعامل مع القضية لدى وزارة المالية بات خالياً من أية أموال "
من المعروف أن منطقة حيقا هي من أخطر المناطق في الأراضي المحتلة لوجود أضخم تجمعات الحاويات للمواد الخطرة فيها وان أي كارثة أقل بكثير من كارثة حرائق الكرمل يمكن أن تقع في حيفا فانها قد تحصد حياة ما لا يقل عن 100 ألف إسرائيلي يقيمون في هذه المنطقة, ولم يخجل وزير حماية البيئة "جلعاد اردان" حين قال :"ستعجز كافة الأجهزة المعنية في إسرائيل عن احتواء أصغر موقف لو حدث ذلك في حيفا".وهذا ما تؤكده الدوائر الأكاديمية في الوزارة التي باتت على يقين(بحسب صحيفة هآرتس) من أن الوزارة تفتقر إلى أبسط الآليات اللازمة للتعاطي مع أي كارثة في هذا الصدد، فضلاً عن النقص الحاد في الكوادر المتخصصة في مجال المواد الخطرة مثل (الكلور، والامونيا) التي تحتوي عليها المستودعات الإسرائيلية.
الكوارث العاجلة المرتقبة:
تحدثت "هآرتس" عن الكارثة المنتظرة التي قد تشهدها إسرائيل في القريب العاجل وفقا لكل التقديرات، فأشارت إلى مطارات الكيان المتردية،خاصة ما يتعلق بمنظومة الإطفاء فيها، إذ تشير التقارير المختصة إلى أن اندلاع حريق أي في أحد الموانئ الجوية خاصة بمطار بن غوريون القريب من قرية يازور لن يخلف خسائر في الأرواح أقل من الخسائر الناجمة عن حريق الكرمل، وإنما سيزيد عنها بأعداد بالغة لشدة نقص آليات تأمين الموانئ الجوية وذلك مما كشف عنه وزير المواصلات الإسرائيلي السابق (شاؤول موفاز) إلا أن أي من التوصيات المتخصصة بهذا الشأن لم تنفذ منها سوى 15 وصية فقط من أصل 75 وصية توصف بالخطرة.وبذلك تشهد إدارة الموانئ الجوية الأميركية الـ "FAA" حين صنفت إسرائيل في المركز الثاني من الدول التي تفتقر إلى آليات تأمين الموانئ الجوية،
وعلى الصعيد الوقائي الطبي: تشير معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية إلى أنه حال تعرض إسرائيل لفيروس أو طاعون يضاهي الكوليرا أو سارس أو غيره من الفيروسات، فمن المتوقع أن تمتلئ المستشفيات الإسرائيلية بما لا يقل عن 1.6 مليون مريض، وهى النسبة التي تضاهي ربع سكان الدولة العبرية تقريباً، الأمر الذي يستلزم استعداد ما يقرب من 780 ألف طبيب على أقل تقدير، و10.000 مستشفى، في ظل توقعات بوجود 2.900 حالة في غرف العناية المركزة كل أسبوع، وإقامة العدد ذاته في المستشفيات أسبوعياً.وتقر الوزارة أن هذه الإمكانيات لا يمكن توفرها ولا وجود للمال اللازم لتغطيتها, وتلك ستكون كارثة الكوارث. وتؤكد الوزارة (حسب هآرتس) أن النقص حاد في جهوزية المستشفيات في التعامل مع الأزمات بحجة رفض وزارة المالية التفاوض مع وزارة الصحة حول تخصيص ميزانيات لزيادة عدد الأسرّة في المستشفيات.
صدق الله العظيم القائل :{ وقضينا إلى بني إسرائيلَ في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيرا { } فإذا جاءَ وعدُ أولاهما بعثنا عليكم عبادا ً لنا أولي بأس ٍ شديد ٍ فجاسوا خلال الديار وكان وعدا ًمفعولاً {} ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال ٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ً {} إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاءَ وعدُ الآخرة ليَسُوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرةٍ وليُتبروا ما علوا تتبيرا ً}.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا جزيلا لتعليقكم تنمني تكرار الزيارة للإفادة من توجيهاتكم